من المؤسف ان الأمر تطلب بضع سنوات كي ينكشف وجه المدرب الاسرائيلي أفرام غرانت الحقيقي... ومن المؤسف أيضاً ان اقول "مدرب".
فهذا الرجل الذي يحسب له انه قاد تشلسي الى المباراة النهائية لدوري أبطال اوروبا عام 2008، وبورتسموث الى نهائي كأس انكلترا الموسم الماضي، هو نفسه الذي دمر العريق وست هام واجهز على بورتسموث، وأسقطهما من الدرجة الممتازة.
هذا المدرب الذي يظل سبب تعيينه مدرباً لتشلسي خلفاً للـ"سبيشال وان" جوزيه مورينيو قبل 3 اعوام لغزاً لكثيرين، أمضى 67 اسبوعاً من اصل 70 في المراكز الثلاثة الاخيرة في الموسمين الاخيرين... ورغم انني كتبت في السابق عن المخطط السياسي اليهودي لاقتحام كرة القدم كونها الرياضة الشعبية الاولى في العالم، وتحفيز كل المؤثرين من اليهود في خدمة اسرائيل، فبرز "السوبر ايجنت" او السمسار الخارق بيني زهافي مهندس أكبر صفقات انتقالات اللاعبين والمدربين في العالم، في مركز خدمة هذه الاهواء، فلا يخفى على أحد ان رئيس نادي تشلسي رومان أبراموفيتش يهودي الديانة، ولا عيب في ذلك، لكن العيب والخزي عندما يتصرف بناديه لخدمة أهداف شخصية على حساب اهتمام جماهير النادي ومحبيه، فتشلسي بنى أساسه الصلب الايطالي كلاوديو رانييري، قبل ان يأتي مورينيو ليترجم الطموح الى واقع ويصنع فريقاً مهيباً قادراً على ادارة نفسه بنفسه، وهنا أدرك زهافي وابراموفيتش ان الوقت قد حان للترويج لاسرائيل، فجاء أفرام ينهش من طبق من ذهب، كل ما مطلوب منه كان ان يقول الكلمات المناسبة في المؤتمرات الصحافية، ويترك شؤون الفريق لمساعده تن هان كاته وقائد الفريق جون تيري، وهذا الاخير كان يبعد عرض قائم عن ادخال غرانت في كتب تاريخ النادي لو نجح في تسجيل ركلة الترجيح في نهائي دوري ابطال 2008 امام مانشستر يونايتد.
غرانت رجل صاحب مهمة سياسية، وهو وجد مكاناًَ في تشلسي وبورتسموث بفضل العلاقات اليهودية الموجودة في الناديين، لكن عندما عينه وست هام في مطلع الموسم اثيرت دهشة كثيرين، وزادت بعدما افصح عن تفاصيل العقد الممتد لاربع سنوات... اربع سنوات عقد لمدرب احتل فريقه السابق بورتسموث القاع وسقط الى الدرجة الاولى... هذه السنوات لم يحظ بها أبرز المدربين حتى هاري ريدناب وافق على سنتين مع توتنهام لا اكثر كي يثبت نفسه، فيرغسون وفينغر لا يوقعان على عقود لاكثر من ثلاث سنوات، وحتى مورينيو وغوارديولا لا يمنحان اكثر من سنتين... فلما الاربع مع غرانت؟
هذا سؤال طرحه حتى العديد من وسائل الاعلام البريطانية التي استدركت الآن مدى تواضع قدرات الاسرائيلي، وربط البعض بين نفوذ زهافي في الكرة البريطانية وقدرته على فرض شروطه المرتبطة بوعود وردية، لكن الآن وبعد رحيل الاسرائيلي بعد اقل من سنة، وبعدما دمر النادي الشرق لندني صاحب التراث والتقاليد العريقة والذي انتج جو كول ولامبارد وديفو وكاريك في السنوات الاخيرة، برزت أسرار من داخل غرف النادي، حيث قال احد اللاعبين: "هذه اول مرة أرى فيها مدرباً يفتقد لكل العناصر الاساسية في التدريب، فعادة ما تكون هناك نقاط قوة وضعف لكل مدرب، لكن مع غرانت كان سيئاً في اختيار التشكيلة في كل مباراة وسلبياً في وضع الخطط وأسوأ باجراء تغييرات وتبديلات يتضح انها غير موفقة وفوق هذا كله لا نسمعه يقول شيئاً قبل او بعد كل مباراة".
هذا هو غرانت، الذي اعتبرت بعض الصحف اليهودية البريطانية انه رحل بكرامة رغم الضغوطات الهائلة، لكنها لم تذكر مجموعة من المواهب الرهيبة في فريقه التي لم يستغلها بطريقة صحيحة ومنها ديمبا وباركر وكين وابسون وغرين وفوبر وهيتزلبيرغر وبيهرامي وكارلتون كول وبيكيون واوبينا وغيرهم الكثير.
كنت أتخيل لو أقدم رئيس نادي فولهام المصري محمد الفايد على اقالة روي هودجسون الذي قاد الفريق الى المباراة النهائية لليوروبا ليغ الموسم الماضي، وعين مكانه مدرب المنتخب المصري حسن شحاتة... ماذا كان سيكون رد فعل الصحافة البريطانية، رغم ان لا مقارنة بين غرانت العقيم وشحاتة صاحب الانجازات الافريقية وأفضل مدرب في القارة السمراء؟.